أكد الدكتور حسين حواش، خبير التطوير العقاري والإداري، أن مصر تشهد إقبالًا متزايدًا من الشركات الخليجية الكبرى. ويأتي هذا الإقبال نتيجة سعي تلك الشركات لنقل جزء من عملياتها التشغيلية والإدارية إلى السوق المصري. علاوة على ذلك، يعكس هذا التوجه ثقة متزايدة في البنية التحتية والكفاءات البشرية المتوفرة داخل العاصمة المصرية القاهرة.
ومن جهة أخرى، يرى الدكتور حواش أن هذا الاتجاه يُمهّد لتحول القاهرة إلى مركز إقليمي للتشغيل الذكي منخفض التكلفة. كما أشار إلى أن هذا النمو يُعزز من تنافسية مصر في جذب الاستثمارات الإقليمية في قطاعات متنوعة.
في هذا السياق، يعكس التوجه الخليجي نقلة نوعية في خريطة الاقتصاد الإقليمي خلال السنوات الأخيرة. فلم تعد مراكز الثقل محصورة في دبي أو الرياض فقط، بل بدأت القاهرة تبرز كلاعب رئيسي بديل. وذلك بفضل مزاياها التشغيلية والثقافية والاقتصادية، مما يؤهلها لخدمة السوقين العربية والأفريقية بفعالية.
ومن ناحية أخرى، لم تعد القاهرة مجرد مركز ثقافي وسياسي، بل أصبحت بيئة تشغيلية تنافسية وذكية. وتستفيد الشركات الخليجية من عدة عوامل، أبرزها انخفاض التكاليف ونجاح التجارب السابقة في السوق المصري.
إلى جانب ذلك، أوضح الدكتور حواش أن ارتفاع تكاليف التشغيل في بعض العواصم الخليجية يُسرّع من البحث عن بدائل. وفي هذا الإطار، تقدم القاهرة حلًا متكاملًا يجمع بين كفاءة العنصر البشري والبنية التحتية والتكلفة المعقولة.
بالتالي، تزداد جاذبية العاصمة المصرية كمركز إقليمي للخدمات والدعم التشغيلي للشركات الدولية والخليجية. ووفقًا للتقديرات، فإن تكلفة توظيف موظف مصري تقل بنسبة تتراوح بين 50% و60% عن مثيلتها في الخليج. خصوصًا في وظائف مثل التسويق والمحاسبة وخدمة العملاء، وهي قطاعات تشهد طلبًا مرتفعًا.
علاوة على ذلك، تتميز الكوادر المصرية بمهارات تدريبية قوية وقدرات لغوية متعددة، ما يزيد من تنافسيتهم. وبالفعل، بدأت شركات كبرى بنقل مراكز خدمة العملاء إلى القاهرة، في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا مهمًا.
إلى جانب ذلك، شهد قطاعا العقارات والسياحة دخول شركات خليجية بافتتاح مكاتب تطوير وتسويق في القاهرة الجديدة. كما توسعت تلك الشركات في العاصمة الإدارية، استغلالًا للبنية التحتية الحديثة والموقع الاستراتيجي.
وتتركز حركة التوسع في مناطق مثل العاصمة الإدارية، القاهرة الجديدة، والتجمع الخامس. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناطق توفر بيئة تشغيل متقدمة تدعم النمو السريع والتوسع المؤسسي.
في الوقت نفسه، تستقطب القرية الذكية والمعادي التكنولوجية شركات عالمية ومراكز خدمات مشتركة. ويرجع ذلك إلى البنية التكنولوجية المتطورة التي تدعم احتياجات الشركات في العصر الرقمي.
بالموازاة مع ذلك، تدعم الحكومة المصرية هذه التحركات بتسهيلات واسعة للمستثمرين. وتشمل تلك التسهيلات تبسيط التراخيص، والإعفاءات الضريبية، وتخصيص الأراضي بأسعار تنافسية.
كما تستهدف المناطق الاقتصادية الجديدة، مثل مدينة المعرفة والعاصمة الإدارية، جذب المزيد من الاستثمارات الخليجية. وأوضح الدكتور حواش أن السوق العقاري الإداري والتجاري في مصر يشهد نموًا لافتًا نتيجة زيادة الطلب على المكاتب الجاهزة.
ورغم التقدم المحقق، تبقى هناك تحديات قائمة مثل البيروقراطية وتذبذب سعر الصرف وجودة بعض الخدمات. لكن بالمقابل، يعزز التحول الرقمي وتحسين بيئة الأعمال من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين. وهذا ما يدفع مزيدًا من الشركات الخليجية إلى اعتبار القاهرة مركزًا إقليميًا للتشغيل الذكي منخفض التكلفة.